عندما يقرأ البعض هذه الاية " ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الأب، روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي وتشهدون أنتم أيضاً " (يوحنا 15: 26،27) . . فيحاول بعضهم أن يجد في المعزي الذي وعد السيد المسيح بإرساله بنفسه قشة يتعلق بها للإيمان بنبيّ يأتي بعد المسيح .
وهنا لابد من توضيح عدة نقاط :
1- لقد ربط المسيح بين انطلاقه وصعوده إلى السماء ومجيء المعزي من بعده، فصعود المسيح شرط جوهري وأساسي لمجيئه، ومن الواضح أن الفترة الزمنية التي يتحدث عنها قصيرة جداً، قال "لكنى أقول لكم الحق إنه خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي، ولكن إن ذهبت أرسله إليكم"(يوحنا 16: 7) .
2- سيقوم المسيح بنفسه بإرسال المعزي.
3- سيختبر تلاميذ المسيح أنفسهم هذا المعزي، فالوعد موّجه لهم قبل أن يكون موجهاً للأجيال التي تليهم .
4- لن يكون المعزي نبياً لأنه ليس شخصاً بشراً يحمل رسالة جديدة، ولكنه روح الله، قال السيد المسيح: "ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الأب، روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي وتشهدون أنتم أيضاً "(يوحنا 15: 26،27) .
5- سيعمل هذا المعزي داخل قلوب الناس. قال المسيح "ومتى جاء ذاك (المعزي) يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة"(يوحنا 16: 8)، وهو يرشد المؤمنين ويعلمهم "وأما المعزي الروح القدس... فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم كل ما قلته لكم"(يوحنا 14: 26) .
6- لن يكون المعزي مرئياً، لأنه سيسكن داخل المؤمنين بالمسيح، قال المسيح "روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم"(يوحنا 14: 17) ولا يكون دخوله إلى قلب كل من يؤمن بالمسيح أمراً منظوراً، يقـول المسيـح "الريح تهب حيث تشاء وتسمع صوتها، لكنك لا تعلم مـن أين تأتى ولا إلى أين تذهب، هكذا كل من ولد من الروح"(يوحنا 3: 8) .
7- لقد جاء المعزي، الروح القدس، بالفعل في اليوم الخمسين من صعود المسيح إلى السماء ولقد دوّن الكتاب المقدس ذلك. تقول كلمة الله "ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معاً بنفس واحدة وصار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة وملأ كل البيت حيث كانوا جالسين، وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار، واستقرت على كل واحد منهم فامتلأ الجميع من الروح القدس وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا"(أعمال 2: 1-4) .
قضية محسومة :
إذاً لم يترك الكتاب المقدس قضية مجيء المعزي مفتوحة حتى تتحقق في زمن غير منظور بالنسبة لتلاميذ المسيح، ولكنه حسم هذه المسألة، وسجل لنا تفاصيلها وتحقيقها.
وعلى الرغم من هذا، فليست القضية الأساسية للمؤمن بالمسيح هي الاعتراف بأنبياء يأتون بعد المسيح أو عدمه، ولكنها هي دور هؤلاء الأنبياء وما يمكن أن يقدموه لنا بعد أن أصبح السيد المسيح حجر الزاوية في علاقتنا مع الله، ففي المسيح كفايتنا، يقول عن نفسه "أنا هو الطريق والحق والحياة ليس أحد يأتي إلى الآب (الله) إلا بي"(يوحنا 14: 6)، لقد افتدانا من خطايانا وضمن لنا الخلاص من العذاب الأبدي ومنحنا الحياة الأبدية بالإيمان به، وقرّبنا من الله وعرّفنا بالله معرفة شخصية، وهو موجود معنا وفينا في كل وقت لمساعدتنا في الحياة بقوة الروح القدس، فماذا يمكن أن نطلب أكثر؟ وما الذي يمكن أن يحققه لنا نبي آخر لم يتمكن المسيح من تحقيقه؟ إننا لا نشك في عظمة هؤلاء الأشخاص أو أهمية دورهم التاريخي أو إنجازاتهم الاجتماعية وغيرها، ولكننا نقرر مع الكتاب المقدس بأنه ليس في مقدورهم تقديم الخلاص الأكيد لنا وإيصالنا إلى الله، ونحن نظلمهم إذا توقعنا منهم ما لا يستطيع القيام به إلا المسيح، لأن "ليس بأحد غيره الخلاص، لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغي أن نخلص"(أعمال 4: 12) .
خلاصة :
وهكذا فإن الإيمان بالمسيح وبعمله الفدائي على الصليب من أجلنا يعني الخلاص ونوال الحياة الأبدية، ومن الحكمة أن نضع إيماننا حيث تكون له فائدة وقيمة، ويكون مقبولاً لدى الله وموافقاً لخطته ومقاصده .
0 التعليقات:
إرسال تعليق
أثبت وجودك لا تقرأ وترحل