ملك الفقراء ( قصة حقيقية )

ولد بولس سنة 1829 م بمدينة دلجا التابعة لمركز ديروط مديرية أسيوط ، من أبويين مسيحيين مشهود لهم بالتقوى تقيين وسمياة بولس فربياه تربية مسيحيه, وعندما كبر أرسله أبوه إلى كتاب (لم يكن هناك مدارس للتعليم ولكن كانمعلم الكنيسة يعلم الأطفال ) القرية فتعلم المزامير والتسابيح ,ولما أظهر نبوغا بين أقرانه رسمه الأنبا يوساب أسقف صنبو شماسا على كنيسة جلده  , وقد أحبه الجميع لأنه أقتنى الفضيلة
والتقوى والورع وكان هادئل , تقيا , محباً للصوم والصلاة , مواظباً على العبادة محتشماً فى ملبسه قنوعاً فى مأكله كثر الأقتراب للرب يسوع بعيد عن الإختلاط بالناس ورسم شماسا فى الخامسة عشره من عمره بيد نيافة الأنبا يوساب اسقف صنبو . 

وعندما بلغ بولس من العمر 17 سنة ولم يعرف شيئاً عن ملذات العالم وتهريج الشباب فقد سبق أن سلم نفسه وحياته للرب يسوع , ولم يجتذبه العالم إليه ولكن أجتذبه الرب يسوع وعزم نهائيا أن يترك العالم لأهل العالم وهرب من البحث وراء غنى العالم وشهواته وتعظم معيشته مفضلاً حياة الفقر فى الرهبنة وفى التاسعة عشرة من عمره قـرر تـرك العالم واختار حياة التكريس الكامل للـرب فذهب الى ديـر السيدة العذراء المحرق ثم بعد عام رسم راهبا فى سنة 1838 م .

فسيم بولس راهباً بأسم بولس غبريال فإزداد تواضعاً وتقوى , وكان من أبرز فضائلة التى حاول تنميتها وهو راهباً هو أن : يجرد نفسه من محبة متاع العالم ولا يقتنى إلا الكنز الوحيد ألا وهو محبة الرب يسوع , مقتفياً أثار الرب وطريقته فى الحياة حيث قال الكتاب عن الرب يسوع ليس له مكان لأن يسند رأسه , فكان يوزع كل ما تصل إليه يداه للفقراء والمساكين عملاً بقول الإنجيل : " مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ (أع 20: 35 ) .

وأمتلأ الدير من أخوة الرب الأصاغر فى حظيرته من الفقراء والمحتاجين , ولم يرتح عدو الخير ورئيس هذا العالم لهذا العمل فبدأ الشرير فى زرع الزوان فى هذا الحقل المثمر فأثار الرهبان ضد رئيسهم لأجل الخير الذى يفعله فصاحوا الصيحة القديمة التى صاحها يهوذا قائلين : " ما هذا الإتلاف " .. وأتهموا القديس بتبديد أموال الوقف وأصروا على عدم قبوله رئيسا بعد لئلا يقضى على ما تبقى من أموال الدير .  

فعزلوه وطردوا الفقراء الذين كان يعولهم , ولم يتوقف الغضب عند هذا الحد بل حكموا بطرده من الدير , فقبل ذلك شاكرا مسرورا وكان يقول : " أنا أعرف بأن الله يجعل كل الأشياء تعمل لخيرى " ومن الملاحظ أن السبب الأساسى لطردة هو محبة الرهبان المال الذى هو أصل كل الشرور بالرغم من أساس رهبنتهم هو الفقر الإختيارى عاملين فى جد ويكفى اليوم شره وأن أقصاءه من امام عيونهم لكى يستريحوا ناسيين أعماله الصالحة مقارنة بأعمالهم . 

رسم القمص بولس غبريال أسقفاً للفيوم حيث كان أسقفها قد تنيح منذ فترة وقـد ساند تلك التزكية القمص عبد المسيح المسعودى الكبير ووافق البابا على ذلك واطاع القمص بولس غبريال الذى لم يعلم فى بداية الامر بتلك التزكية وبهذا التدبير الالهى صار القمص بولس غبريال المحرقى اسقفا للفيوم والجيزة باسم الأنبا ابرآم فى شهر ابيب 1597 ش 1881 م .

رجل صلاة :

كان رجل صــلاة كان الأنبا أبرآم رجل صلاة فقد كان يقضى أياماً فى خلوة مع الرب يسوع وكان يأمر خادمه أن يغلق عليه حجرة نومه ولا يزعجه أحد فى أثناء صلواته , وكان يقف فى القداسات منتصباً حتى ينتهى من توزيع الأسرار المقدسة .

لم يكن عنده نقوداً فأعطاها ملابسه :

ذهبت إليه فقيرة معوزة تسأله المساعدة ولم يكن عنده نقوداً فأعطاها شالاً جديداً لم يستعمله بعد وقال لها : " خذى هذا الشال وبيعيه وفكى ضيقتك به " .. فأخذته وذهبت إلى السوق , فرآها الرجل الذى أهدى الشال إلى الأنبا أبرآم فإشتراه منها , وذهب إلى الأنبا أبرآم : " لماذا لم تتغط بالشال يا أبانا , والدنيا شتاء " .. فأجابه : " الشال فوق يا ولدى " يقصد أنه عند يسوع الذى أحبه , وعندئذ أظهر الشال وقدمه إليه ورده إلى الأسقف ثانية فقال له الأنبا أبرآم : " أوعى تكون ظلمتها يا أبنى " فقال له : " لا يا أبى أعطيتها ثمنه بالكامل كما أشتريته به قبلاً يا أبتى " .

عطاياه السخية للفقراء :

عطاياه السخية للفقراء الذين كانوا يؤمون دار الاسقفية بالمئات والألوف على اختلاف مللهم ومذاهبهم فيهبهم كل مايكون عنده من مال وقد جعل دار الأسقفية مأوى لكثير منهم ودائما ما كان يقدم ثيابه للعراة وطعامه للجياع ولم يكن يسمح مطلقا أن يقدم له طعاما أفضل مما يقدم للفقراء فقد حدث ذات مرة انه نزل ليتفقد جماعتهم وهم يأكلون فأدهشه انه لاحظ ان الطعام الذى قُدم إليه فى هذا اليوم كان أفخم مما وجده امام هؤلاء البسطاء فساوره الحزن جدا وأقال الطباخ المسئول عن خدمة الفقراء فوراً .

نياحتـــــــــــــــــه :

بعد ثلاثة و ثلاثين عاما فى الاسقفية وبعد أن أشتم الناس من حياته على الأرض رائحة المسيح ... وبعد عمل الكثير من المعجزات للجميع ...

بدأ النهار يميل ....

وسمح الله بمرض الزمه الفراش حوالى شهر ليودعه أبناءه ... مكث هذا الشهر محتملا الآم المرض رافضا علاج الأطباء مسلما الأمر للرب قائلا : ان عشنا او متنا فللرب نحن ....

وقد علم القديس بساعة إنتقاله فقال لهم أعدوا المنامة بدير العزب ...

وما ان سمع اولاده هذا الكلام حتى انسابت الدموع من اعينهم وغمرهم حزن شديد وقد احسوا بقرب فراق أباهم الروحى ....

وفى العاشر من يونيو عام 1914 خرجت صفوف القديسين والملائكة ترحب بروح الأنبا ابرام بعد أن عبر وادى الدموع وجاهد وانتصر وآن له الآوان ليكلل بأكليل الحياة التى لا تفنى وليسمع صوت فاديه قائلا : نعما ايها العبد الأمين ..... أدخل إلى فرح سيدك .

وقد بكاه كل من تعامل معه .. بكاه الكبير والصغير .. بكاه الغنى والفقير ... بكاه المسيحيين والمسلمين ... بكاه كل ابناء الشعب ..

وتمت الصلاة على جثمانه الطاهر فى كنيسة السيدة العذراء بالفيوم ..

ثم خرج موكب الوداع من الكنيسة إلى دير العزب الذى يبعد عن الفيوم حوالى 6 كيلومترات المكان الذى أعدت فيه منامة القديس ...

وقُدر عدد المودعين له بأكثر من 30 الف شخص ..

وقد أبى المشيعين ان يحمل جثمان القديس فى العربة المخصصة لنقل الموتى بل اندفع عدد كبير من المسيحيين والمسلمين وحملوا الجثمان على اكتافهم مدفوعين لهذا الجسد الذى صار هيكلا للروح القدس ...

جسد الرجل الذى وهب نفسه للجميع بلا تفريق .. وقد أعدت السكك الحديدية يومذاك قطارا خصيصا لنقل المشيعين لجثمان القديس إلى دير العزب .. 

وقد ظهرت منه آيات كثير بعد وفاته حيث لم تزل مقبرته يزورها ذوو الحاجات والأوجاع .

بركة صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائمًا .

آمين




0 التعليقات:

إرسال تعليق

أثبت وجودك لا تقرأ وترحل

انضم الينا بالضغط هنا :

المواضيع الساخنة :

موضوع عشوائى

.
يرجى الانتظار ...
.